التوجيه والإرشاد
رؤية تاريخية
إن التوجيه والإرشاد قديم قدم الحياة نفسها, فالإنسان خلال مراحل نموه يتعرض لمتاعب ومشكلات عديدة, ويسعى إلى تحقيق طموحاته وأهدافه, وإشباع حاجاته وتحمل مسئولياته, وهو في سعيه لتحقيق ذلك يواجه احباطات متعددة وصراعات كثيرة ونقصاً معرفياً يحول دون توجيه طاقاته وإمكانياته الوجهة الصحيحة. فكان رد فعله على ذلك الاستئناس بآراء الآخرين الأكثر نضجاً, طلباً منهم العون وجادة الصواب, فكانت المشورة والنصيحة تأتي ذاتية تعوزها الدقة الموضوعية, ولكنها السبيل الإرشادي المتاح.
أما التوجيه والإرشاد كممارسه علميه ومهنيه متخصصة فقد مر بعدد من المراحل نوجزها فيما يلي :-
-
مرحلة التركيز على التوجيه المهني.
يتفق معظم الباحثين على أن هذه المرحلة ظهرت في بداية القرن العشرين على يد فرانك بارسونز1908م, الذي وضع كتابا اسماه " اختيار المهنة" ضمنه خطوات اختيار المهنة في ثلاث:
أ- دراسة إمكانية الفرد وقدراته واستعداداته وميوله.
ب- دراسة المهن المختلفة وما تحتاجه من متطلبات واستعدادات.
ج- وضع الفرد المناسب في المهنة المنسبة أو ما يسمى بالمواءمة بين الإمكانيات والمهن المتاحة.
لقد ظهر التوجيه المهني استجابة لعدد من العوامل من أبرزها التقدم التكنولوجي الذي أدى إلى ظهور مهن وتخصصات معقدة تقتضي تحليلا لهذه المهن أو التخصصات لمعرفة ما تحتاجه من قدرات وإمكانات, ومن ثم اختيار الفرد الملائم لها. وهذه هي ركائز التوجيه المهني.
-
مرحلة التركيز على التوجيه المدرسي.
ولقد ظهرت هذه المرحلة التي امتدت فيها أنشطة التوجيه والإرشاد من المجال المهني لتغطي المجالات التربوية Educational Settings نتيجة إدراك أن هناك فجوة بين ما يتلقاه الفرد في المدرسة من معارف, وبين متطلبات النجاح في الحياة العملية, وضرورة التفكير في معالجة هذه الفجوة عن طريق ربط التربية والتعليم بالحياة, الأمر الذي أدى إلى نشوء مدارس مهنية متخصصة أو أقسام مهنية في الجامعات لمواجهة سوق العمل, وكان الهدف منه بالدرجة الأولى مساعدة الطالب على اختيار البرامج والمقررات الدراسية تبعا لقدراته ولمواكبة سوق العمل, أو اختيار المهنة المناسبة, وقد تبين فيما بعد أن التكيف للمهنة لا يتوقف على قدرات الفرد فقط وإنما على عوامل شخصية نفسية واجتماعية, ونتيجة لذلك تجاوز مفهوم التوجيه المهني ليشمل جوانب حياة الطالب كلها النفسية والاجتماعية والتربوية, وحاجات الطلاب ومشكلاتهم.
-
مرحلة علم النفس الإرشادي.
لقد حدث تطور في بداية الثلاثينات من هذا القرن مفاده أن التوجيه ليس عملية ميكانيكية تتمثل في مطابقة قدرات الفرد مع متطلبات المهنة, وأن المرشد حقيقة لا يتعامل مع مشكلات بقدر ما يتعامل مع أفراد لهم خصائصهم المتباينة. وقد تأثر هذا التطور بحركة الصحة النفسية والمدارس العلاجية المختلفة. ونتيجة لذلك تأثر التوجيه بدراسات علم النفس والمدارس النفسية والعلاجية.
وقد عبر (Soper,1955) عن امتزاج التوجيه المهني والقياس النفسي وعلم النفس العلاجي, وهي الأصول الثلاثة للإرشاد مما أدى إلى مولد علم النفس الإرشادي, حيث أشار إلى أن الحركة التي بدأت كتوجيه مهني في الولايات المتحدة الأمريكية, مع اهتمام موازٍ بقياس الاستعدادات, قد أخذت صفة علاجية. ويضيف إلى أن علم النفس الإرشادي يستخدم اختبارات الاستعداد والمعلومات المهنية, والأنشطة الاستكشافية والمواقف المحددة والمقابلات العلاجية. Therapeutic interviews
وعليه يمكن القول أن بداية الخمسينات شهدت ميلاد علم جديد هو الإرشاد النفسي, وأنه في عام 1951م ظهر مصطلح علم النفس الإرشادي والمرشد النفسي في مؤتمر عقدته لجنة متخصصة في مينوسوتا قبيل انعقاد المؤتمر السنوي للرابطة الأمريكية للمشتغلين بعلم النفس, وقد تبع ذلك إنشاء قسم الإرشاد النفسي في الجمعية النفسية الأمريكية ومن ثم البريطانية, وفي عام 1954م صدرت مجلة الإرشاد النفسي, ثم دخل موضوع الإرشاد النفسي ضمن مقررات علم النفس التربوي في الجامعات:
ويمكن أن نتبين في هذه المرحلة اتجاهين رئيسيين لهما أثر في تحديد مسار وأهداف هذا العلم الوليد " علم النفس الإرشادي " هما:
الإرشاد في المملكة العربية السعودية
شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة نموا وتغيرا كبيرا في مختلف مجالات الحياة شمل هذا النمو والتغير الجوانب القيمية والأخلاقية والاجتماعية والتعليمية والصحية والاقتصادية والتقنية. مما أدى إلى وجود حاجة ملحة لمهن المساعدة الإنسانية كعلم النفس والخدمة الاجتماعية على وجه العموم والإرشاد النفسي والاجتماعي على وجه الخصوص, ونرى أن هذه الحاجة كانت نتيجة لعوامل عديدة منها:
-
اهتمام المملكة العربية السعودية بجميع أوجه الرعاية للمواطنين و الاهتمام بالصحة النفسية والاجتماعية.
-
التغييرات التي حدثت في مجال الأسرة وخاصة خروج الأم للعمل والتي كانت في الماضي تقوم بتربية وتعليم ومتابعة أبنائها كما كانت مصدرا للحنو والشفقة والعطف, وتغير اهتمامات الأب وبعده عن المنزل لفترات طويلة وعدم اهتمامه بتربية أبنائه ورعايتهم على الوجه المطلوب.
-
ازدياد عدد الجامعات السعودية وتعدد تخصصاتها مما دعا إلى وجود حاجة لتوجيه الطلاب وإرشادهم خاصة في مجال اختيار التخصص المناسب, وذلك حسب قدراتهم واستعداداتهم وطموحاتهم وميولهم ورغباتهم.
-
ازدياد أعداد الطلاب والطالبات وكثرة المشكلات التعليمية والاجتماعية والنفسية التي تواجههم وعجز المؤسسات التعليمية عن التعامل معها.
-
تغير حاجة سوق العمل في المملكة العربية السعودية وخضوعه للانتقاء والاختيار.
-
الغزو الفكري عبر وسائل الإعلام المختلفة المرئي منها والمقروء والمسموع, وما ترتب عليه من ظهور مشكلات أخلاقية واجتماعية ونفسية متنوعة, وفشل كثير من الناس في التعامل الصحيح مع هذه المشكلات مما أدى إلى وجود حاجة ملحة للمتخصصين.
-
كثرة وتنوع المشكلات الأسرية وعدم امتلاك كثير من الآباء والأمهات للمهارات اللازمة التي يمكن أن تساعدهم في التعامل مع هذه المشكلات.
-
زيادة الوعي لدى المواطنين بأهمية الصحة النفسية mental health بصفة عامة مما أدى إلى بحثهم وطلبهم لمساعدة المتخصصين.
-
كثرة وتنوع الوظائف وتعددها مما جعل من الصعب على الفرد القيام بعملية الاختيار بنفسه.
-
النظرة السالبة من قبل بعض أفراد المجتمع تجاه العمل الحرفي بغض النظر عن حاجة المجتمع.
تطور مهنة الإرشاد في المملكة العربية السعودية:
ورد في مجلة التوثيق التربوي التي تصدر عن وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية توضيح للتسلسل المرحلي الذي مرت به مهنة الإرشاد بالمملكة, وقد أشارت المجلة إلى أن مهنة الإرشاد قد مرت بثلاث مراحل أساسية هي:
المرحلة الأولى : مرحلة إنشاء إدارة التربية والنشاط الاجتماعي 1374-1381هـ, ففي العام التالي لإنشاء وزارة التربية والتعليم أنشأت إدارة للتربية والنشاط الاجتماعي لتقوم بالإشراف الفعلي على مختلف أوجه النشاط المدرسي مقترحات إلي تهدف إلى الرقي بالنواحي الاجتماعية. وزودت الوزارة إدارة التربية والنشاط الاجتماعي بالأخصائيين الاجتماعيين للإشراف على نواحي النشاط والتي كان من أهمها : الأسر المدرسية, ومجالس الآباء والمعلمين, والأندية الرياضية المدرسية, والأنشطة الاجتماعية والثقافية, ونظام خدمة البيئة.
المرحلة الثانية : إنشاء إدارة التربية الاجتماعية بالإدارة العامة لرعاية الشباب 1381-1400هـ , وقد تطورت إدارة التربية والنشاط الاجتماعي إلى إدارة عامة لرعاية الشباب ضمت أربع إدارات فرعية منها: إدارة التربية الاجتماعية التي تتولى مهمة التنظيم والإشراف على الجمعيات التعاونية, ومجالس الآباء والمعلمين, والأندية المدرسية, ونظام رواد الفصول, والإسعاف المدرسي, والنشاط الثقافي والاجتماعي.
المرحلة الثالثة : إنشاء الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد الطلابي 1401هـ حتى الآن. حيث أصدر معالي وزير التربية قرارا برقم 216/خ في 19/10/1401هـ يقضي بتطوير إدارة التربية الاجتماعية إلى إدارة عامة للتوجيه والإرشاد الطلابي, وقد بدأ التطبيق الفعلي للإرشاد على مستوى المناطق التعليمية ابتداء من الفصل الدراسي الثاني 1402هـ.
الإرشــاد النفسي
* ينتمي الإرشاد النفسي إلى علم النفس التطبيقي (Psychology Applied) كما أنه يقع مع مجموعة أخرى من التخصصات ( مثل علم النفس العيادي, الطب النفسي, الخدمة الاجتماعية ) التي تهدف إلى مساعدة الناس في مواجهة مشكلات ومواقف الحياة وضغوطها, وتغيير حياتهم إلى الأفضل, تحت مجموعة تعرف بتخصصات (مهن) المساعدة (Professions Helping) وهذه التخصصات تشترك في الخصائص التالية:
-
تفترض أن، السلوك له سبب, وأنه من الممكن تعديل هذا السلوك.
-
تشترك في الغاية التي تسعى لتحقيقها, وهي مساعدة المستفيدين على أن يصبحوا أكثر فاعلية وأكثر توافقاً من الناحية النفسية.
-
تستخدم العلاقة المهنية كوسيلة أساسية لتقديم العون.
-
تؤكد على أهمية الوقاية.
-
تقوم على أساس من تدريب متخصص.
** ويمكن تصوير الإرشاد على أنه علاقة مساعدة تتضمن ما يلي:
-
شخص يطلب المساعدة.
-
شخص آخر لديه الرغبة في تقديم المساعدة وهو مؤهل ومدرب على ذلك.
-
موقف يسمح بتقديم تلك المساعدة وتلقيها.
*** وهناك سلوكيات (مفاهيم خاطئة) معينة ليست من الإرشاد (باترسون 1968م) وهي:
-
الإرشاد ليس تقديم معلومات. فالمعلومات قد تكون متوفرة.
-
الإرشاد ليس تقديم نصيحة.
-
الإرشاد ليس التأثير في الاتجاهات والمعتقدات والسلوك- سواء بالإقناع أو النصح أو التخويف والإكراه.
-
الإرشاد ليس اختبار وتحديد مهن الأفراد.
-
الإرشاد النفسي ليس مقابلات, ولكن إجراء المقابلات متضمن فيه: - الإرشاد العلاجي, والإرشاد التربوي. و الإرشاد المهني....ألخ
-
الإرشاد ليس تحقيق أهداف للوصول إلى اعتراف بالحقيقة.
**** فالإرشاد : ما هو " إلا عملية واعية مستمرة بناءة ومخططة تهدف إلى مساعدة الفرد لكي يعرف نفسه, ويفهم ذاته ويدرس شخصيته جسمياً وعقلياً وانفعالياً, ويفهم خبراته ويحدد مشكلاته وحاجاته, ويعرف الفرص المتاحة له, وأن يستخدم إمكاناته وينميها بذكاء إلى أقصى حد مستطاع, وأن يحدد احتياجاته, ويتخذ قراراته ويحل مشكلاته في ضوء معرفته بنفسه إضافة إلى التعلم والتدريب الخاص الذي يحصل عليه عن طريق المرشدين والوالدين, وذلك في مراكز التوجيه والإرشاد في المدارس وفي الأسرة لكي يصل إلى تحديد وتحقيق أهداف واضحة- تكفل له تحقيق ذاته, وتحقيق الصحة النفسية, ومع الآخرين في المجتمع, والتوفيق شخصياً وتربوياً وزواجياً".
كما عرف مكتب التربية العربي الإرشاد على أنه: " علاقة إنسانية بين فردين أحدهما متخصص والآخر يطلب المساعدة من أجل التوصل إلى بعض الحلول الملائمة لمشكلاته, والتي قد تكون شخصية أو اجتماعية أو انفعالية, أو مشكلة اختيار مهنة أو عمل مع إعطاء المسترشد فرصة اتخاذ القرار المناسب الذي يتفق مع إمكاناته, وقدراته واهتماماته".
وعرفه كارل روجز بأنه: " عملية بواسطتها تسترخي الذات في أمن العلاقة مع المرشد, حيث يتم إدراك الخبرات التي أنكرت سابقاً, ويتم تقبل هذه الخبرات وتتوحد وتتعامل مع ذات بديلة".
ويرى السلوكيون أن الإرشاد: "عملية تعلم تتيح للمسترشد اكتساب مهارات جديدة يستطيعون بواسطتها تغيير سلوكهم وضبطه" (Nystul, 1993) .
ولقد ظهرت تعريفات كثيرة للإرشاد, فبعضها يصور المفهوم, والبعض الآخر يحمل الطابع الإجرائي, وفي الوقت الذي تركز فيه بعض التعريفات على العلاقة الإرشادية ودور الرشد فإن البعض يركز على عملية الإرشاد نفسها بينما لا زال آخرون يهتمون بالنتائج التي نحصل عليها من الإرشاد.
وفيما يلي بعض تعريفات الإرشاد:
1) تعريف جــود (1945م) Good
ويقصد بالإرشاد تلك المعاونة القائمة على أساس فردي وشخصي فيما يتعلق بالمشكلات الشخصية, والتعليمية, والمهنية, والتي تدرس فيها جميع الحقائق المتعلقة بهذه المشكلات, ويبحث عن حلول لها, وذلك بمساعدة المتخصصين, وبالاستفادة من إمكانيات المدرسة والمجتمع, ومن خلال المقابلات الإرشادية التي يتعلم المسترشد فيها أن يتخذ قراراته الشخصية.
2) تعريف ريــن (1951م) Wrenn
الإرشاد هو علاقة دينامكية وهادفة بين شخصين, تتنوع فيها الإجراءات باختلاف طبيعة حاجة الطالب, ولكن في جميع الحالات يكون هناك مشاركة متبادلة من كل من المرشد والطالب, مع التركيز على فهم الطالب لذاته.
3) تعريف روجرز (1952م) Rogers
الإرشاد هو العملية التي يحدث فيها استرخاء لبنية الذات للمسترشد في إطار الأمن الذي توفره العلاقة مع المرشد, والتي يتم فيها إدراك المسترشد لخبراته المستبعدة.
4) تعريف وبيمسكي (1954م) Pepin sky & Pepimsky
الإرشاد عملية تشتمل على تفاعل بين مرشد ومسترشد في موقف خاص بهدف مساعدة المسترشد على تغيير سلوكه بحيث يمكنه الوصول إلى حل مناسب لحاجاته.
5) تعريف تولبير (1959م) Tolbert
الإرشاد هو علاقة شخصية وجهاً لوجه بين شخصين أحدهما وهو المرشد. من خلال ومهارته وباستخدام العلاقة الإرشادية, يوفر موقفاً تعليمياً للشخص الثاني, المسترشد وهو نوع عادي من الأشخاص, حيث يساعده على تفهم نفسه وظروفه الراهنة والمقبلة وعلى حل مشكلاته وتنمية إمكانياته بما يحقق إشباعاته وكذلك مصلحة المجتمع في الحاضر وفي المستقبل.
6) تعريف كرمبولتز (1965م) Krumboltz
يتكون الإرشاد من أي أنشطة قائمة على أساس أخلاقي, يتخذها المرشد في محاولة لمساعدة المسترشد للانخراط في تلك الأنواع من السلوك التي تؤدي إلى حل مشكلاته.
7) تعريف تيلر (1969م) Tyler
تري تيلر أن الغرض من الإرشاد هو تسهيل الاختبارات التي تساعد على نمو الشخص فيما بعد, كما ترى أن الإرشاد ذو طبيعة نمائية بالإضافة إلى كونه ذات طبيعة علاجية, وأنه يمكن أن يكون عوناً لكل الأشخاص نظراً لكون اتخاذ القرارات أمر لازم طول الحياة.
8) تعريف بيركس وستيفلر (1979م) Burks & Stefflre
يشير مصطلح الإرشاد على علاقة مهنية مرشد مدرس ومسترشد, وهذه العلاقة تتم في إطار "شخص لشخص" رغم أنها قد تشتمل في بعض الأحيان على أكثر من شخصين, وهي معدة لمساعدة المسترشدين على تفهم واستجلاء نظرتهم في حياتهم, وأن يتعلموا أن يصلوا إلى أهدافهم المحددة ذاتياً من خلال اختيارات ذات معنى قائمة على معلومات جيدة ومن خلال حل مشكلات ذات طبيعة انفعالية أو خاص بالعلاقات مع الآخرين.
ورغم أن التعريف يركز على العملية التعليمية إلا أن المؤلفين يعودان إلى القول بأن الإرشاد يختلف عن التدريس وأن أهدافه يحددها الفرد أكثر مما يحددها المجتمع.
9) تعريف بيتروفيسا (1978م) Pietrofesa
الإرشاد هو العملية التي من خلالها يحاول المرشد, وهو شخص مؤهل تأهيلاً متخصصاً للقيام بالإرشاد, أن يساعد شخصاً آخر في تفهم ذاته, واتخاذ القرارات, وحل المشكلات, والإرشاد هو مواجهة إنسانية وجهاً لوجه تتوقف نتيجتها إلى حد كبير على العلاقة الإرشادية.
خصائص الإرشاد في ضوء التعريفات السابقة:
ويمكن من خلال هذه المراجعة لتعريفات الإرشاد أن نصل إلى الخصائص التالية للإرشاد:
-
الإرشاد عملية: ويعني أنه يشتمل على خطوات متتابعة ومتصلة.
-
الإرشاد ذو طابع تعليمي : ويعني هذا أن الإرشاد يركز على تغيير السلوك.
-
المرشد هو المخطط للعملية الإرشادية وهو شخص مؤهل تأهيلاً متخصصاً.
-
المسترشد شخص عادي, أي أن مشكلاته ليست شديدة على النحو الذي يدعو إلى تدخل برامج أخرى مثل العلاج النفسي, وأن شخصيته متماسكة.
-
يهدف الإرشاد إلى تحسين حياة المسترشد ومساعدته على فهم ذاته ومواقفه في الحاضر والمستقبل واتخاذ القرارات المناسبة.
-
البيئة التي يتم فيها الإرشاد هي بيئة العلاقة الإرشادية وجهاً لوجه.
-
يهتم الإرشاد بانتقال الخبرة من موقف الإرشاد إلى مواقف الحياة التي يقف فيها المسترشد فيما بعد.
أهمـية الإرشاد النفسي :
* هناك حاجة أكيدة إلى الإرشاد النفسي, فهو لا يُعد ترفاً للحياة العصرية بل ضرورة من ضروراتها, وواحد من مترتبات الحياة الإنسانية المتجددة على مر العصور, وذلك للأسباب التالية:
1- التغييرات المصاحبة لنمو الفـرد :
** يمر الإنسان خلال مراحل نموه بفترات حرجة, كما يتعرض لتغيرات, كما يتعرض لتغيرات جسمية ونفسية واجتماعية وعقلية وغيرها, وفي كثير من الأحيان يصاحب تلك التغيرات مشكلات يشعر معها أنه بحاجة إلى من يساعده ويقف إلى جانبه في التغلب عليها, ويواجه الأفراد في مراحل نموهم العادية مشكلات متنوعة, مثل: عدم القدرة على اتخاذ القرارات الهامة كاختيار المهنة أو الزوجة أو نوع الدراسة, فتظهر لديهم حاجة أكيدة لمن يساعدهم في ذلك.
2- التغييرات التربوية:
** الحاجة إلى الإرشاد في المدارس والجامعات أكثر إلحاحاً, بـسبب ازديـاد أعـداد الطلبـة فيهـا, وتنـوع
التخصصات الدراسية, فالطلبة يواجهون تغيرات سريعة في مجالات واسعة من حياتهم. ففي مجال التعليم مثلاً قد لا يستطيعون التكيف مع التطورات التي تحدث في المناهج, أو في ازدياد أعداد الطلبة وما ينتج عن ذلك من تفاعل بينهم أو في دخول التكنولوجيا إلى المجال التربوي, أو في تعدد مجالات التخصصات الدراسية, والمجالات المهنية, كل ذلك وغيره ساهم في ازدياد حالات القلق والحيرة لدى الطلبة, وولد لدى البعض منهم عدم القدرة على مسايرة تلك التغيرات المتسارعة, فأصبحوا بحاجة إلى الإرشاد النفسي ليساعدهم في التغلب على آثار تلك التغيرات, ويبعد عنهم ذلك القلق, ويسهل عملية تكيفهم مع هذه المستجدات.
3- التغيرات الأسـرية :
** طرأت على الأسر تغيرات عديدة, طال هذا التغير بناءها, ووظائف أفرادها وصلاتهم ببعض, وأبعد هذا التغير الأب وأحياناً الأم عن أطفالها لفترات طويلة من اليوم, واعتماد بعض الأسر على مربيات لأطفالهم, أو إرسالهم إلى دور الحضانة لا يتوفر فيها ما يشبع حاجات الطفل, مما حرم الكثير من الأطفال من تحقيق مطالبهم النفسية أو الاجتماعية, وساهم ذلك في ظهور مشكلات انفعالية أو سلوكية لديهم.
4- التغيرات الاجتماعية :
** طرأت على المجتمعات بصورة عامة تغيرات سريعة, شملت بعض العادات والتقاليد والمعايير الاجتماعية للسلوك, ووسائل الضبط الاجتماعي, وكذلك التغير في بعض القيم وما ينشأ عنه من صراع قيمي, والتغير الذي ينشأ عنه الأسباب والعلاقات الإنسانية وأسلوب الحياة التي يعيشها الفرد, وصاحب ذلك التغير تقدم سريع في وسائل الاتصال بين الشعوب, وما تحمله من أنماط مختلفة وأحياناً متناقضة, كل ذلك ساهم في زيادة القلق والتوتر لدى الأفراد, وجعلهم بحاجة للخدمات الإرشادية أكثر من أي وقت مضى.
5- التغيرات التكنولوجية السريعة :
** أدى التقدم العلمي الكبير وما صاحبه من منجزات علمية ومخترعات دخلت إلى الأسرة والمنزل خاصة وسائل نقل المعلومات مثل التلفزيون, ووسائل الاتصال الحديثة مثل الانترنت, ووسائل الترفيه مما كان له آثار سلبية في العلاقات الإنسانية بين الأفراد في الأسرة والمجتمع, وأدى إلى تغيير بعض الأفكار والمفاهيم والاتجاهات والقيم, مما ساعد في ظهور مشكلات نفسية تحتاج إلى مساعدة المرشد للتغلب عليها.
نشاط تدريبي
حاول أن تحدد مفهوم الإرشاد النفسي؟ وما هي أهدافه: والحاجة إليه؟ مع ذكر مراحله في المملكة العربية السعودية. (10 دقائق).
|