توعية رجال المرور أولاً

إن من أسباب الأزمة المرورية اغفالنا لدور رجال المرور في تفاقمها.. وتبعا فان التركيز على مستخدمي الطريق فقط لم ولن يحل المشكلة.
 إن نظام المرور السابق الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م|49) وتاريخ 6|11|1391هـ رغم تقادمه ظل بعيداً عن تفهم واستيعاب بعض رجال المرور لمضامينه.. فعقوبة الايقاف لتجاوز السرعة -على سبيل المثال – متوقفة نظاما على صدور قرار من هيئة الجزاءات المرورية خلال عشرة أيام من وقوع المخالفة كما نصت المادة رقم (179) من النظام، كما أن المادة رقم (177) من النظام منحت المخالف حق تجنب عقوبة الايقاف اذا دفع الغرامة المالية خلال عشرة أيام من تاريخ وقوعها.. وبهذا فان الايقاف الفوري يعد مخالفة للنظام أرتكبها بعض رجال المرور وظلم بها الكثير من الذين أوقفوا.. علما بأن أي قرار لايمكن أن يلغي أي مادة من النظام إلا بمرسوم ملكي مماثل لمرسوم اصداره.
 ورغم أن ديننا الاسلامي الحنيف صان كرامة الانسان وحفظ حقوقه وبناء على ذلك نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي الكريم رقم (أ|90) وتاريخ 27/8/1412هـ على ذلك بوضوح.
 إلا أن تعامل بعض رجال المرور مع السائقين مواطنين ومقيمين يحتاج إلى وقفة، ذلك أن الدولة – أيدها الله – لم توجد رجال المرور إلا لخدمة المواطنين وتنظيم سير مركباتهم على الطرقات.
 ولقد سئمنا من ترديد القول بأنها مجرد حالات فردية كلما نكتشف تصرفا غير لائق من رجل مرور.. فالأمر بحاجة إلى معالجة عاجلة وحاسمة.
 وإلا فما معنى أن يقرر جندي مرور فجأة إقامة نقطة تفتيش أمام بوابة طوارئ مستشفى الملك فهد بجدة (أكبر مستشفى بمدينة جدة) فيحيل الموقع إلى بؤرة تلبك مروري أعاقت سير الاسعافات التي تنقل المرضى الذين تفرق الدقيقة الواحدة في إنقاذ حياتهم!!
 أو أن يقرر رجل مرور إقامة نقطة تفتيش عند ميدان الكرة الأرضية في جدة قبيل صلاة المغرب في يوم من أيام شهر رمضان المبارك..
 وما معنى أن يفاجأ مواطنون أثناء مراجعتهم إدارة جوازات جدة انه يتعين عليهم سداد مخالفات مرورية مسجلة بأسمائهم وبعد الاستعلام والبحث يتبين أن هناك أخطاء أرتكبها رجال مرور!.
 وأسوق هنا مثالاً آخر على الحاجة إلى توعية رجال المرور في مدينة جدة.. فلقد نصت اللائحة التنفيذية للنظام الجديد على أن السائق عند ايقافه من قبل رجل المرور يبقى في سيارته ويأتيه رجل المرور.. ولكنني لا زلت أرى العكس حاصلا رغم صدور النظام في 26|10|1428هـ.. حيث لا زالت فكرة هذه المادة النظامية غير مستوعبة من قبل بعض رجال المرور !!.
 وتؤكد أبحاث علمية- أجراها متخصصون كبار- ما ذهبت اليه من ضرورة توعية رجال المرور وإحكام الرقابة عليهم.
 ففي بحث علمي أجراه العميد الدكتور صالح بن محمد المالك تبين أن 6% فقط من الذين أجري عليهم البحث يرون أن العلاقة بين رجال المرور ومستخدمي الطريق ممتازة.. وان 5% فقط يرون أن تعامل رجال المرور مع مرتكبي المخالفات المرورية ممتاز !!.
 وتنص توصيات هذا البحث على التالي: «الأهمية البالغة لبناء شخصية رجل المرور وأهمية تطبيقه للنظام دون تمييز وضرورة رفع قدراته عن طريق التدريب والتأهيل المستمر «.
 إن نجاح أي نظام أو أي خطة مرورية لن يتحقق ما لم تكن العلاقة صحية بين رجال المرور ومستخدمي الطريق في إطار أحكام النظام.. ولكن أسلوب تعامل بعض رجال المرور في جدة بالذات لا يسهم في الوصول إلى هذه العلاقة المأمولة.
 وفي الوقت الذي نؤكد فيه أن من حق رجل المرور ايقاف المخالف بناء على مقتضيات النظام.. إلا أن ذلك يجب أن يكون باحترام كامل لحقوقه المكفولة باحكام النظام.. وفيما لو حصل ذلك من رجل المرور فان المخالف سيبادله الاحترام ويتقبل العقوبة بنفس راضية وحرص أكبر على عدم تكرارها.. وتتحقق العلاقة الجيدة بين الطرفين.
 وأخيرا.. فانني أعرف المستوى الفكري والتعامل الأخلاقي الرفيع للواء فهد البشر مدير الإدارة العامة للمرور.. وأتمنى أن يكون لدى رجال المرور جزءا يسيرا مما لديه.. أما وقد أرتفع صوت الشكوى من تعامل بعضهم فاننا نأمل أن يهتم سعادته بتنمية حصيلتهم المعرفية بمضامين النظام الجديد ولائحته التنفيذية وقبلا بأساليب التعامل ومهارات الاتصال.
 


آخر تحديث
11/2/2008 2:03:10 PM